Pagine

23‏/03‏/2010

سيرة حياة القدّيس الأب أنّيبالي ماريّا دي فرانجا / الفصل الأوّل - لقاء


سيرة حياة القدّيس الأب أنّيبالي ماريّا دي فرانجا

الفصل الأوّل

لقاء

في أحد الأيّام، فيما كان ذاهباً إلى كنيسة الطاهرة (Chiesa dell'Immacolata) للمشاركة في ليتورجيّة الصباح، التقى الشمّاس الإنجيلي أنّيبالي ماريّا دي فرانجا (Annibale Maria Di Francia) بمتسوّل شاب أعمى، أو متظاهر بأنّه أعمى.

ـ تصدّقوا على فقير أعمى! تضرّع المتسوّل شاعراً بوصوله.

فتّش أنّيبالي في جيوبه وأخرج منها قطعة عملة معدنية.

ـ ما اسمك؟ سأله.

ـ فرانجيسكو... فرانجيسكو دزانكوني(Francesco Zancone).

ـ خذ، يا فرانجيسكو، وصلّي من أجلي. قال أنّيبالي واضعاً القطعة النقدية في كفّ يده.

ضحك المتسوّل: ـ ومن يعرف الصلوات؟

إندهش أنّيبالي: ـ ألم يعلّمك أحد أن تصلّي أبداً؟ سأل.

ـ لا... مَن تريد أن يعرف هذه الأشياء هناك في الأسفل.

ـ هناك في الأسفل، أين؟

ـ حيث أسكن أنا، في مينيوني (Mignuni)... في بيوت أفينيوني (Case Avignone).

ـ وأين توجد بيوت أفينيوني هذه؟

ـ باتّجاه دزاييرا... هل تعرف أين يقع وادي دزاييرا (Torrente Zaèra

ـ أعرف. إذا أردتَ سآتي للقائك وسأعلّمك أنا أن تصلّي.

هزّ فرانجيسكو دزانكوني كتفيه بلا مبالاة.

ـ لا بأس إفعله... تعالَ عندما تريد.

وذهب ململماً ملابسه البالية.



اللقاء مع المتسوّل كان الشرارة التي أشعلت في قلب أنّيبالي حريقين مضطرمين بشدّة نقلهما فيما بعد إلى تلاميذه: الأوّل، إهتمام إستثنائي بالشخص البشري من خلال رسالة حبّ سامية موجَّهة نحو المتروكين، نحو الأكثر بؤساً بين البؤساء، نحو المتألّمين؛ الثاني كان الـ "روكاتي" (Rogate)، الصلاة الموجَّهة للحصول من الربّ على عدد متزايد من الدعوات المقدّسة.

* * *

ولد أنّيبالي في مسّينا (Messina) في 5 تمّوز 1851. هو الثالث من بين أربعة أبناء للفارس فرانجيسكو (Francesco)، ماركيز القدّيسة كاترينة، قبطان فخري في البحرية، مُنَصَّب كنائب قنصل حبري من قِبَل البابا بيّوس التاسع (Pio IX). أمّه، أنّا توسكانو (Anna Toscano)، تنتمي هي أيضاً إلى أسرة نبيلة من مدينة نابولي (Napoli).

عندما كان لأنّيبالي الطفل خمسة عشر شهراً فقط، مات والده وبدأت صعوبات مالية جدّية لأسرة دي فرانجا.

بعمر سبع سنوات قُبِلَ أنّيبالي في مدرسة القدّيس نيكولو (San Nicolò) الداخلية التابعة للرهبان الجيسترجينسي (Monaci Cistercensi): مدرسة داخلية خاصّة تقبل فقط أبناء أفضل العوائل في مسّينا.

في أحد الأيّام، بينما كان أطفال المدرسة الداخلية في صالة الطعام وهم ينهون غداءهم، أُدخِل متسوّل مسنّ وأُجلِس في إحدى زوايا الصالة لتناول صحن من الحساء. حالما لمحه الأطفال بدأوا بالإستهزاء به، ثمّ انتقلوا من الكلمات إلى الأفعال وأخذوا يقذفون المسكين بكريات من لبّ الخبز وبنوى التفّاح.

ترك المتسوّل صحن الحساء الذي لم يكن قد تناول أكثر من نصفه وخرج من الصالة مرتبكاً مهاناً.

راقب أنّيبالي المشهد باضطراب، حاول أن يصرخ على رفاقه للكفّ عن ذلك، لكنّ صوته تبدّد في وسط الصخب. عند ذلك، مندفعاً كما هو طبعه، أخذ من الطاولة سلّة الخبز الفائض وأضاف إليها الفاكهة وكلّ ما عثر عليه ولحق بالمتسوّل في الممر. وجده متّكئاً على الحائط، بعينين دامعتين، ذليلاً بسبب كلّ ما لحق به.

ـ تشجّع، قال له أنّيبالي مبتسماً، خذ هذا... واغفر للألم الذي سُبِّب لك.

تنهّد المسنّ مثل طفل واحتضن أنّيبالي.

ـ شكراً... قال له. شكراً!



الترجمة إلى اللغة العربية: الراهب باسم اسحق الوكيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق